سياسة

مجلس النواب: القانون بداية جديدة لمسار الإفتاء فى مصر

شهد مجلس النواب توافقًا واسعًا حول قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية، ويأتى ذلك بعد الخلافات التي ظهرت داخل اللجنة الدينية حول مشروع القانون، وسبق الجلسة العامة للمجلس مشاورات للتوافق شاركت فيها الحكومة وممثلو الأزهر والأوقاف د.محمد الضوينى، ود. أسامة الأزهرى وزير الأوقاف، ورئيس مجلس النواب المستشار د. حنفى جبالى بمكتب رئيس المجلس و د. على جمعة رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، والمستشار محمود فوزى وزير شؤون المجالس النيابية، وشهدت الجلسة العامة للمجلس الموافقة على مقترحات الأزهر الشريف بعد عرضها على الجلسة. 

قال المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس المجلس عقب التوافق على القانون إن التعاون الذي جمع بين الحكماء والعلماء والمخلصين يبرهن على روح التكامل التي تسود بين المؤسسات الدينية، مؤكداً أن هذا القانون هو بداية فصل جديد فى مسار الفتوى فى مصر، معتبره خطوة نابعة من ضرورة ملحة لمواكبة التحديات الراهنة، مؤكداً أن الدولة المصرية مرجعية دينية راسخة تمثل الوسطية والاعتدال وتحرص على نشر الفكر المستنير. 

كما أكدت الحكومة أن المادة «٨» من مشروع القانون لا تتعارض مع حرية الإعلام والنشر، ووافق مجلس النواب على نهائيا على مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية. 

اقترح الدكتور محمد الضوينى وكيل الأزهر الشريف وعضو هيئة كبار العلماء إدخال عدد من التعديلات أبرزها تعديل تعريف الفتوى الشرعية لتصبح: إبداء الحكم الشرعى فى فتوى شرعية عامة أو خاصة بدلاً من إبداء الحكم الشرعى فى فعل يتعلق بالشأن العام أو الخاص ووافق المجلس على المقترح المقدم من الأزهر الشريف.

وتقدم وكيل الأزهر الشريف بمقترح على نص المادة ٣ بحيث يختص بالفتوى الشرعية الخاصة كل من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو مجمع البحوث الإسلامية أو مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية أو دار الإفتاء المصرية أو اللجان المشتركة بموجب أحكام المادة (٤) من هذا القانون أو أئمة وزارة الأوقاف الذين يتوافر بشأنهم الشروط المنصوص عليها بالمادة ٤من هذا القانون. ووافق المجلس على جميع مقترحات الأزهر الشريف لتعديل هذه المادة.

واقترح الدكتور محمد الضوينى وكيل الأزهر الشريف وعضو هيئة كبار العلماء إدخال عدد من التعديلات على المادة) ٤) من مشروع القانون، أهمها أن تضع هيئة كبار العلماء شروط منح التراخيص وحالات تقييدها وإلغائها ونوع الترخيص ومدته بحيث لا يعد الحصول على الترخيص تصريحاً بالفتوى عبر الوسائل الصحفية والإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعى إلا إذا ذكر ذلك صراحة بالترخيص، وفى حالة مخالفة أى من شروط الترخيص يحق لهيئة كبار العلماء إصدار مذكرة لإلغاء الترخيص.

أعلن الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، موافقته على مقترح الأزهر الشريف تقديراً، مؤكداً أن وزارة الأوقاف ستظل ابنة بارة للأزهر الشريف، مشيرا إلى أن الأزهر الشريف هو القبلة العلمية الأولى التي يهتدى بها.

اقترح الدكتور محمد الضوينى وكيل الأزهر أن يكون إصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض من الأزهر الشريف، على أن تعد هذه اللائحة لجنة تشكلها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف خلال شهر من تاريخ العمل بهذا القانون، وتضم اللجنة فى عضويتها كل من وزير الأوقاف ووكيل الأزهر الشريف ومفتى الجمهورية.

ووافق وزير الأوقاف على مقترح الأزهر الشريف، مؤكداً أن خير من يمثل المؤسسات الدينية هو الأزهر الشريف.

وأكد الدكتور على جمعة رئيس اللجنة الدينية موافقته على اقتراح وكيل الأزهر الشريف، مؤكداً أن المؤسسات الدينية تضرب النموذج للعالم كله فى وحدة الكلمة وفى التنسيق بينها لمصلحة البلاد والعباد.

ووصف الدكتور محمد الضوينى وكيل الأزهر الشريف هذا القانون بأنه طفرة غير مسبوقة فى مجال الفتوى الشرعية.

وأكد المستشار محمود فوزى، وزير شؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، أؤكد أنه ليس فى هذه المادة ٨ ما يخالف الدستور لافتا إلى أن المادة 71 من الدستور فقرة ثانية تنص على: ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن فى أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون. 

وقال : صدر المادة نص على أنه مع عدم الإخلال بقانون تنظيم الصحافة، مضيفا: كنت أمين المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، حيث ينص قانونه فى مواده على أنه لا يجوز توقيع عقوبة فى جرائم النشر، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن فى أعراض الأفراد، أى أن المادة القانونية نسخت ما جاء بالدستور، وهذا يعنى أن العقوبة الواردة لن تنطبق على أحد فى جرائم النشر والعلانية، وأطمئن الجميع أن هذه المادة لا تخالف الدستور.

وأضاف أن العقوبة المقترحة متناسبة مع الفعل ولا يمكن أن نترك فوضى الفتاوى لأنه أحيانا تصدر فتاوى تكون خطيرة ولا بد من مواجهتها بالعقوبة المناسبة والأمر تقديرى للقاضى.

وذكر التقرير المشترك أنه لاشك أن للفتوى تأثير فى توجيه سلوكيات الأمة أفراداً وجماعات، نظراً لتعلق الموضوع بأمور دينهم من عقائد وعبادات وبأمور دنياهم من عقود وتصرفات، ومعاملات مالية، واجتماعية، وغير ذلك مما يستشكل على الناس من أمور دينهم ودنياهم، فيستفتون فيه أهل العلم ويسألونهم لإزالة هذا الإشكال ومعرفه حكم الله تعالى.

وأضاف: وعلى مدار سنوات طوال مضت عانى المصريون من فوضى الفتاوى التي يصدرها أشخاص مختبئون تحت عباءة الدين ومن غير المتخصصين، سواء أكان من خلال وسائل الإعلام المقروءة، والمسموعة، أو المرئية، أم تلك المرتبطة بمواقع التواصل الاجتماعى التي لا تخضع لأى رقابة حكومية، وأصبح المجتمع المصري مليء بآراء فقهية وفتاوى عديدة وصفت بالغريبة والشاذة عبر أشخاص يزرعون أفكاراً هدامة ومتطرفة فى عقول وأذهان الشباب، انعكست بشكل خطير على المجتمع المصري وأمنه القومي، ومن هنا جاءت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى تجديد الخطاب الديني، انطلاقاً من الوعى الكامل بما يدور حولنا من تطورات، وتغيرات، وما يستلزمه ذلك من حفاظ على السلم الاجتماعي.

 وذكر التقرير لذا أصبحت هناك حاجة ملحة لمشروع قانون ليعالج هذه الأوضاع ويضبط فوضى الفتاوى العامة المنتشرة على ساحات وسائل الإعلام المختلفة دون أن يكون لها سند فقهى أو شرعي، والتي تثير-فى معظمها -خلافات واسعة وجدلاً كبيراً بين المواطنين على مستوى الدولة، وتفرق ولا تجمع بين أبناء الأمة فى عصر ما أحوجنا فيه إلى الوحدة ونبذ الفرقة، وتحديد من تؤول له الفتوى الشرعية العامة والخاصة.

وقد حبا مصر بالعديد من المؤسسات العلمية العظيمة، وعلى رأسها الأزهر الشريف منارة العلم والتنوير فى كل أرجاء الوطن العربى والإسلامى والعالم أجمع.

وقد وضع علماء الأمة للفتوى ضوابط وآدابًا أوجبوا على المفتين مراعاتها عند القيام بالنظر فى النوازل والمستجدات تقديرا لمقام الفتوى العالى فى الشريعة الإسلامية، وعملوا على إحاطتها بسياج الحماية من عبث الأدعياء ممن انتشروا على بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى وتصدوا للفتوى الشرعية فى عدد من القضايا الكبرى والمصيرية دون أن تتوافر فيهم الشروط المطلوبة لمثل هذه الفتاوى ما قد يثير الفتنة فى المجتمع.

وذكر التقرير أن صدور الفتوى بغير ضابط أو إطار قانونى جامع يفتح الباب أمام غير المؤهلين لاقتحام هذا المجال الدقيق، ما قد يؤدى إلى نشر فتاوى مغلوطة أو متشددة أو متساهلة، تهدد أمن المجتمع الفكرى وتضر بمصالحه العليا. ومن هنا، تأتى أهمية وجود قانون يضبط عملية الإفتاء، فيحدد الجهة المختصة، ويرسم آليات إصدار الفتوى، ويضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان صدور الفتوى عن أهلية علمية معترف بها، مع الالتزام بثوابت الشريعة ومقاصدها.

لذلك، فإن إصدار قانون لتنظيم الفتوى لم يعد مجرد خيار، بل أصبح مطلباً وطنياً ودينياً لا غنى عنه، صونًا للدين، وحفاظًا على أمن المجتمع، وصيانة لوحدة الوطن، وعليه فإن مشروع القانون سيسهم في تعزيز الاستقرار الدينى والاجتماعى فى المجتمع، وضمان جودة الفتاوى ومواءمتها مع الشريعة الإسلامية، تعزيز الشفافية فى ممارسة الفتوى، حماية المجتمع من الفتاوى المتطرفة أو غير الصحيحة.

وكذلك ضمان التزام المؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعى ومحتوياتها، بنشر الفتاوى الشرعية الصادرة من المتخصصين، تحقيق فكرة المسجد الجامع فى كل محافظة، وبعد ذلك فى كل مركز من الجمهورية، والتي تعمل عليها وزارة الأوقاف تأهيل عدد كبير من الأئمة لتلبية خدمة الفتوى فى سائر التخصصات سواء كانت علاقات زوجية، وأمور الإصلاح الاسرى، ومواجهه الإرهاب بتفكيك الفكر المتطرف، والميراث، والخطابة، والوعظ والإرشاد.

جاء مشروع القانون فى تسعة مواد بخلاف مادة النشر، ويقضى على فوضى إصدار الفتاوى الشرعية ويحدد المختصين بمهام الإفتاء الشرعى ويميز بين إصدار الفتاوى الشرعية وممارسة مهام الإرشاد الديني، دون أن يخل ذلك بالاجتهادات الفقهية فى مجال الأبحاث والدراسات العلمية والشرعية، كما يكفل مشروع القانون حق الأئمة والوعاظ بالأزهر الشريف والهيئات التي يشملها وكذا المتخصصين بوزارة الأوقات وغيرهم من المصرح لهم قانوناً، بأداء مهام الإرشاد الدينى بما يبين للمسلمين أمور دينهم، دون أن يعد ذلك تعرضاً للفتوى.

يسهم القانون فى التمييز بين الفتاوى الشرعية العامة والتي تتعلق بالشأن العام وتؤثر على المجتمع ككل، والفتاوى الشرعية الخاصة التي تتعلق بمسائل الأفراد، وتحديد الجهات المختصة بكل منهما.

كما يسهم القانون فى تعظيم دور الأزهر الشريف والهيئات التابعة له جنباً إلى جنب مع دار الإفتاء المصرية، بحيث تختص هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية بإصدار الفتاوى المتعلقة بالشأن العام دون غيرها من الجهات أو المؤسسات، وحتى تكون الكلمة العليا فيما يمس مصالح الوطن والمواطنين للمؤسسات الدينية الدستورية وعلى رأسها الأزهر الشريف.

يحقق القانون التنوع فى تحديد الجهات المختصة بإصدار الفتاوى الشرعية الخاصة للتيسير على المواطنين بالحصول على الفتاوى الشرعية التي تتعلق بمسائل الأفراد فى جميع أنحاء البلاد، بحيث يختص الأزهر الشريف من خلال هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية والمركز العالمى للفتوى، وكذا دار الإفتاء المصرية ولجان الفتوى بوزارة الأوقاف التي تُعتمد شروطها وضوابطها من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بتلك الفتاوى، وبما ييسر على المواطنين فى طلب الفتوى فى مسائلهم الخاصة.

إلي جانب ذلك يسهم القانون فى إنشاء لجان للفتوى بوزارة الأوقاف وفقا للشروط والضوابط التي تضعها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بما يضمن تحقق الأهلية والكفاءة اللازمة للفتوى فى أعضاء تلك اللجان شأنهم شأن أعضاء لجان الفتوى بالأزهر ودار الإفتاء المصرية.

وتضمن القانون التأكيد على أن تتولى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف مسؤولية إعداد برامج التدريب والتأهيل فى مجال الفتوى واعتمادها لأعضاء لجان الفتوى بوزارة الأوقاف، بما يضمن انتقاء أفضل العناصر لتحمل أمانة إصدار الفتوى.

وشهد النص على ترجيح رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف حال تعارض الفتاوى الشرعية، ترسيخاً لدور الأزهر الشريف باعتباره المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشؤون الإسلامية وفقا للمادة (7) من الدستور.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من العربي للعدل والمساواة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading