لماذا لم يختر الكرادلة بابا للفاتيكان من أفريقيا؟

بينما كان العالم يترقّب هوية القائد الجديد للكنيسة الكاثوليكية، طرح كثير من المراقبين في الفاتيكان سؤالًا مهمًا: من أي منطقة في العالم سيكون البابا الجديد؟
كان التساؤل الأبرز عمّا إذا كان الاختيار سيقع على مرشح من القارة التي تنمو فيها الكنيسة الكاثوليكية بوتيرة سريعة، وهي قارة أفريقيا.
ورغم أن تاريخ الكنيسة الكاثوليكية يضم ثلاثة باباوات على الأقل من أصل أفريقي، إلا أن آخرهم كان البابا جيلاسيوس الأول، الذي تُوفي منذ أكثر من 1500 عام، وقد رأى البعض أن الوقت قد حان لعودة البابوية لأفريقيا.
كان البابا فرنسيس يحرص على أن يعكس قادة الكنيسة الامتداد العالمي للكاثوليكية، فقام بترقية 18 كردينالًا من أصل 108 كرادلة من أفريقيا. وكان من بين هؤلاء، ثلاثة مرشحين بارزين لمنصب البابا، وهم: فريدولين أمبونجو بيسونجو من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وروبرت سارا من غينيا، وبيتر توركسون من غانا، كما كان الكاردينال توركسون مرشحًا قويًا أيضًا في انتخابات 2013 التي انتهت باختيار البابا فرنسيس.
وعندما انتُخب الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست ليحمل اسم البابا ليو الرابع عشر، عبّر الكاثوليك في أنحاء العالم عن فرحتهم، لكن البعض تساءل ما إذا كان قد تمّ تجاهل أفريقيا.
عملية انتخاب البابا سرية للغاية، لذا من المستحيل معرفة ما الذي نوقش داخل الاجتماع.
لكن من المحتمل أن الكرادلة الـ133 الذين شاركوا في التصويت تساءلوا، كما يقول الأب لورانس نيجوروجي – الكاتب الكاثوليكي وأستاذ في جامعة جومو كينياتا في كينيا: “هل ننتخب بابا يواصل نهج البابا فرنسيس، أم نختار من يسلك طريقًا مختلفًا؟ أتصور أن هذا كان محور انقسام كبير”.
البابا فرنسيس كان مُصلحًا، فبالرغم من أنه لم يغيّر العقيدة، إلا أنه اعتمد لهجة أكثر ليونة في بعض القضايا، مثل السماح للمطلّقين بتناول القربان، وترك القرار للأساقفة حول هذه القضية.
وفي النهاية، يرى الأب نيجوروجي، أنه “رغم وجود كرادلة أفارقة مؤهلين تمامًا لمنصب البابا، فإن المسألة الأهم كانت تتعلق بإرث البابا فرنسيس”.
كما كانت هناك عوامل أخرى، فالكنيسة الكاثوليكية عالمية ويجب على البابا أن يتفهم قضايا واحتياجات كل القارات.
ويقول الأب جوزيف نيومونجا، المدير الروحي لمعهد القديسة آنا في نيروبي، إن أفريقيا لا تزال تتعافى من آثار الاستعمار، مضيفًا: “نحن قارة مجروحة، لدينا حروب في الكونغو والسودان. حين تتولى قيادة كنيسة بهذا الحجم، تحتاج إلى شخص هادئ ومستقر”.
ويوضح الأب أن على الكنيسة في أفريقيا أن تركز على بناء هويتها لخدمة الناس بشكل أفضل، مشيرًا إلى أن “السؤال هو: ماذا تحتاج أفريقيا الآن؟ هل تحتاج بابا، أم تحتاج العودة إلى جذورها لفهم ما يستنزف شعوبها؟”.
وليست أفريقيا وحدها التي تشهد نزاعات، فالحروب مستمرة في الشرق الأوسط وأوروبا أيضًا.
وسيواجه البابا الجديد تحديات كبيرة، مثل صعود قادة استبداديين، واضطرابات اقتصادية مختلفة، كما يجب عليه أن يخاطب احتياجات الجنوب العالمي حيث تنمو الكنيسة الكاثوليكية، وفي الوقت ذاته، يجب عليه العمل على إحياء الحضور الكاثوليكي في أوروبا، التي تُعدّ أضعف مناطق الكنيسة ديناميكيةً، بحسب الفاتيكان.
ويقول الأب نيجوروجي، إن الكرادلة كانوا يبحثون عن “مرشح يخدم الكنيسة بأفضل شكل، بغض النظر عن جنسيته أو عرقه”.
ويُنظر إلى البابا ليو الرابع عشر على أنه شخصية تُصغي جيدًا وقادرة على احتواء الفصائل المختلفة داخل الكنيسة، والأهم أنه يجمع بين الشمال والجنوب العالمي؛ فرغم ولادته في الولايات المتحدة، إلا أنه قضى سنوات في العمل التبشيري في بيرو، وزار كل الدول الخمسين التي تعمل فيها رهبنته (الآوغسطينيون).
وكان البابا الجديد في نيروبي خلال شهر ديسمبر الماضي، وبدأ مشاريع في معظم الدول الأفريقية التي تنشط فيها رهبنته.
ورغم أنه ليس أفريقيًا، قد يكون البابا ليو الرابع عشر هو الشخصية التي رآها الكرادلة قادرة على فهم احتياجات الكاثوليك في أفريقيا والتواصل معهم.
- للمزيد : تابع العربي للعدل والمساواة، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فسبوك وتويتر .